إنتهت القمة العربية و إنتهت معها أحلام الجزائر في الريادة الإقليمية ..

القائمة البريدية

إشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد الموقع .

بقلم البراق شادي عبد السلام

القمة الواحدة و الثلاثون للجامعة العربية على مستوى الملوك و القادة و الرؤساء تشكل نهاية الأحلام البومدينية للجزائر في لعب دور إقليمي يؤهلها للريادة وتصنع وهم القوة الضاربة الإقليمية التي يمكنها أن تشكل الضامن ذو الثقل السياسي و السيادي القادر على حل الملفات و القضايا المطروحة أمام العرب في السياق التاريخي و السياسي و الإقتصادي و الأمني الحالي .
البيان الختامي للقمة العربية إنتصر لكل المواقف المغربية الثابتة و الأصيلة سواء في توجهاتها الديبلوماسية العالمية أو القارية أو الإقليمية .
رغم غياب جلالة الملك محمد السادس و أغلب القادة العرب الفاعلين بشكل إيجابي في مختلف الملفات العربية المطروحة حاليا عن أشغال القمة إلا أن الأثر الكبير لمقاربته المتبصرة للعمل العربي المشترك القائمة على تطوير العلاقات البينية العربية – العربية بشكل يخدم القضايا الإنسانية أولا في هذه المنطقة التي تعرف العديد من المخاطر التي تهدد الأمن البشري بمعناه الشمولي ظل حاضرا و بقوة في فقرات مهمة من البيان الختامي .
قبل التطرق لمخرجات البيان الختامي للقمة العربية التي تجسدها
” ديبلوماسية القرار ” التي ينتهجها الملك محمد السادس في مايخص كل القضايا العربية كالأمن القومي العربي على ضوء التطورات العالمية كالملف الفلسطيني و حماية المقدسات الدينية بالقدس و إدارة العلاقات العربية الإسرائيلية و التدخلات الإيرانية في الشأن الداخلي للدول العربية و مكافحة الإرهاب و الميليشيات المسلحة و التعاون الإقتصادي و الأمن الغذائي .
على هامش القمة العربية أجرى السيد ناصر بوريطة حوارا مع الإعلامية المتألقة جيزيل خوري حيث رد بشكل إستراتيجي و هادئ و فكك كل الأساطير المؤسسة لإديولوجية العداء التي يعتنقها النظام الشمولي في الجزائر الذي يعتمد قصرا على نشر الأكاذيب و تضليل الرأي العام و تعكير المناخ السياسي و الديبلوماسي العربي و الإصطياد في الماء العكر عبر ترويج الترهات و المواقف الإستعراضية و التصريحات البهلوانية المجانبة للصواب .
حوار السيد وزير الخارجية على قناة سكاي نيوز عربية من قلب الجزائر يمكننا إعتباره تذكيرا مغربيا على أعلى مستوى لكل من يهمه الأمر داخل الجزائر و خارجها بالإستراتيجية الديبلوماسية المغربية المبنية على الصدق و الوضوح و المسؤولية و الشفافية في الممارسات بعيدا عن العمل الديبلوماسي المرتكز على المؤامرات و الفذلكات و التلاعب بالمواقف و الكلمات خدمة لأجندات فانية ..
هو رد نهائي على الترهات و الأكاذيب التي تنشرها الآلة الإعلامية الجزائرية حول المغرب و سياساته الخارجية .
البيان الختامي لقمة الجزائر رغم خطابه الجميل الداعي لتوحيد الجهود العربية و وقف التدخلات الأجنبية في الشؤون الداخلية و إقرار الحكامة الرشيدة في تدبير الشأن الإقتصادي و التفكير في وضع سياسات عربية مشتركة للتحقيق السيادة الغذائية المشتركة إلا أن عبارة ” في الجزائر ” تضعف حجيته و مصداقية التوصيات التي تضمنها ، فالسلوك العدواني الديبلوماسي الجزائري و كيفية تدخلاته في الملفات العربية المطروحة و طبيعة أجندته التوسعية التي تنهل من الفكر البومديني البائد تجعل من بيان قمة الجزائر مجرد حبر على ورق و بيان آخر من عشرات البيانات الختامية التي كرست هدر الزمن التنموي و السياسي العربي .
فالنظام الجزائري للأسف يضرب الجهود العربية – العربية في مقتل عندما ينتهج سياسات عدائية ضد قوة إقليمية صاعدة في غرب المتوسط و شمال إفريقيا بواجهة أطلسية واعدة بالتنمية هي المملكة المغربية بقيادتها الحكيمة المتشبثة بآواصر الأخوة و التضامن بين الشعوب و الرغبة في بناء الإنسان العربي عبر توفير بنية إستثمارية قوية قادرة على تمويل البرامج الإجتماعية المختلفة .
عندما يقوم النظام الجزائري في زمن التكتلات الجهوية و الإقليمية بتعطيل حلم إتحاد المغرب الكبير الذي يمكنه في حالة عدول نظام شنقريحة عن سياساته المتهورة أن يشكل قوة إقتصادية و سياسية و بشرية كبرى في جنوب المتوسط للشعوب المغاربية بتاريخها المشترك الأمازيغي الطويل و الإسلامي العريق قادرة على حماية ثروات و مقدرات الشعوب المغاربية في مواجهة السياسات الإستعمارية البغيضة و التوجهات الإمبريالية القذرة لبعض الأنظمة التي تحن لتاريخ أسود من الإحتلال و الإستغلال و الإستعمار فإنه بتبنيه هذا البيان هو يقدم نفسه كنموذج للنفاق السياسي المفضوح .
عندما يقوم النظام الشمولي الجزائري بتمويل ميليشيا إرهابية إنفصالية تعلن حربا ضد المملكة المغربية قيادة و حكومة و شعبا و تهدد الأمن القومي و السيادة المغربية على أراضيها المقدسة و تقوم بخدمة المشروع الصفوي الإيراني بالإشراف على تدريب قيادات الحرس الثوري الإيراني و ميليشيا حزب الله لعناصر ميليشيا تندوف داخل الأراضي الجزائرية فإن تهدد الأمن القومي العربي و تريد إشعال حرب إقليمية لا تخدم مصالح الشعوب العربية و إنما تخدم مصالح الدوائر الدولية التي تريد إستغلال ثروات و مقدرات المنطقة .
عندما يقوم النظام الأوليغارشي الجزائري بتمويل حرب إقتصادية قذرة ضد الفوسفاط المغربي عن طريق تمويل لوبيات في مختلف دول المعمور بتواطئ مع بعض الشركات الحقوقية العابرة للقارات للإضرار بسمعة الإقتصاد المغربي و ترويج الأكاذيب و الاخبار المفبركة المضللة عن الوضع الإقتصادي للمملكة بهدف محاصرة الجهود التنموية بالمغرب ، فعن أي جهود عربية للنهوض بالتكامل العربي الإقتصادي يتكلم هذا البيان ؟
عندما تقوم الديبلوماسية الجزائرية بمعاكسة الجهود الديبلوماسية المغربية و تخصص ميزانيات بعشرات المليارات من الدولارات لسنوات متعددة من أجل إحهاض المجهودات المغربية لتحصين وحدته الترابية، عن أي وحدة صف عربي يتكلم البيان ؟!

عندما يصرح رئيس الجزائر السيد عبد المجيد تبون عبر الإعلام الدولي عن وجود مخطط جزائري للتدخل العسكري في ليبيا و إحتلال طرابلس عبر وضع خط احمر وهمي جزائري و ينعت طرفا فاعلا في الأزمة الليبية بالمرتزقة عن أي تضامن عربي يتحدث البيان الختامي مع الشعب الليبي و عن أي حل ليبي-ليبي يحفظ وحدة وسيادة ليبيا ويصون أمنها وأمن جوارها ؟
القضية الفلسطينية هي جزء من الإشكال العربي – العربي و من بين القضايا الكبرى و الرئيسية التي تشكل الخلاف العربي – العربي حيث تشكل مجالا خصبا للمزايدات السياسية و الإستعراضات الوهمية للتضامن و التآزر و التوافق ، القضية الفلسطينية إستخدمت تاريخيا من أغلب الأنظمة العربية لخدمة أجنداتها سواء الداخلية أو الخارجية ، جميع المبادرات و القرارات و البيان و البلاغات التي أصدرتها هذه الدول لا أثر لها اليوم على الميدان أو في الواقع و بقيت حبرا على ورق.
قرار وحيد خارج منظومة الجامعة العربية إتخذته الدول الإسلامية و تبتنه الجامعة العربية يزل نقطة مضيئة في تاريخ العمل العربي المشترك يقتضي تأسيس لجنة القدس تحت الرئاسة الدائمة لملك المغرب بذراعها المالي بيت مال القدس تقوم بعمل نوعي من أجل حماية المقدسات الدينية في القدس و تثبيت العائلات المقدسية في منازلها و مشاريع إغاثية أخرى
قبيل إنعقاد القمة بأيام إجتمعت الفصائل الفلسطينية المتناحرة للتوقيع على إتفاقية الجزائر بين 14 فصيل فلسطيني ، هذا الإتفاق ينص على إجراء إنتخابات و إنهاء الإنقسام الفلسطيني ، و بالتالي ينضاف هذا الإتفاق إلى عشرات الإتفاقات الأخرى التي وقعت قبل سنوات في نفس الموضوع لتبقى حبرا على ورق .
الإشكال هنا ليس في التوقيع أو الفصائل الفلسطينية, لكن العطب في الجهة الراعية للإتفاق حيث تبحث عن موطئ قدم متقدم داخل الملف الفلسطيني لتبادل الأدوار مع الحليف الإيراني للتلاعب بهذا الملف وفق مصالح نظام الملالي و نظام الجنرالات في صراعاتهم الإقليمية .
محاولة الجزائر إستحداث آلية عربية برئاسة جزائرية دائمة لمراقبة يتنفيذ الإتفاق هو محاول فاشلة لإستنساخ مبادرة لجنة القدس، رغم أن السياق يختلف بين أجندة المملكة المغربية التي تخدم الإنسان الفلسطيني في كل مكان و أجندة بقايا نظام بومدين الذين يحنون إلى زمن السبعينيات و الثمانينات حيث كانت الجزائر بالإضافة لنظام القذافي من أكثر الدول الداعمة للبنادق المأجورة الفلسطينية كأبو نضال و جماعته .

فلسفة القمة العربية كتجمع سنوي للقادة العرب في زمن التكتلات الجهوية في ظل تصاعد المخاطر المرتبطة بالتداعيات المدمرة لجائحة كورونا و حالة الإستقطاب الدولي على إثر الحرب الأوكرانية الروسية و الإختراق الواضح للصف العربي و بروز شبح أزمة غذائية قد تهدد الشعوب العربية التي تعتبر من أكبر شعوب العالم تأثرا بأزمة المناخ و الجفاف و التصحر في غياب إستراتيجية إقتصادية عربية متكاملة ، كل هذه الأسباب هي كفيلة ببلورة رؤية عربية متجددة للعمل العربي المشترك في أفق بناء ميكانيزمات مشتركة للتعاون و التنسيق و التكامل السياسي و الإقتصادي و الإجتماعي .

البيان الختامي للقمة العربية كان واضحا و صريحا في العديد من فقراته بضرورة نتحية الخلافات العربية / العربية جانبا و البحث عن آليات مشتركة لتطوير العلاقات البينية العربية، لكن تظل سياسات النظام العسكرتاري الجزائري العدوانية آخرها التقرير المفضوح المتحامل لوكالة الأنباء الجزائرية و هي جهة رسمية ضد المملكة المغربية و ضد شخص وزير الخارجية المغربي السيد ناصر بوريطة بلغة سوقية بذيئة نقطة سوداء تضعف حجية هذا البيان و تحكم عليه و على توصياته بالفشل و الفشل الذريع .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *