هزة عنيفة تضرب سوق العملات المشفرة وتثير القلق حول مستقبلها

القائمة البريدية

إشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد الموقع .

عاشت جميع العملات المشفرة أسبوعا أسود أثار ذعرا كبيرا وقلقا واسعا حول مستقبلها وسط الباحثين عن الثراء الكبير، انهارت خلاله قيمتها وفقد سوقها ملايين الدولارات.

وكشفت أزمة العملات الرقمية هشاشة سوقها، وتعرضه لهجومات مالية تزلزله، واختراقه بصفقات معقدة يجني أصحابها من خلفها أمولا طائلة على حساب صحة تلك العملات أو حتى موتها.

الهجومات المالية

وفي تقرير نشره موقع “ذا كونفرسيشن” (The Conversation)؛ قال “غافين براون” و”ريتشارد ويتل” و”ستيوارت ميلز”، حسب الجزيرة نت،  إن عملة “لونا” لم تكن الضحية الوحيدة في الأسبوع الذي انخفضت فيه قيمة العملات المشفرة بنسبة 30%، ورغم تعافي البعض من هذه العملات بدرجة ما، فإن ما حصل لا يزال يمثل خسارة إجمالية استمرت 7 أيام بقيمة تزيد عن 500 مليون دولار أميركي، مما أثار أسئلة وجودية حول مستقبل هذا السوق.

وأوضح الكتّاب في مقالهم أنه يُحتمل أن يكون سبب هذا الانهيار هو “الهجوم” المالي الذي تعرضت له العملة المستقرة “تيرا” (TERRA)، التي من المفترض أن تتطابق قيمتها مع الدولار الأميركي، إلا أنه يتم تداولها حاليا بسعر 18 سنتا فقط، وفي وقت لاحق انهارت شريكتها لونا؛ ويعتبر مثل هذا الهجوم معقدا للغاية، ويتضمن وضع صفقات متعددة في سوق العملات المشفرة في محاولة لإحداث تأثيرات معينة، يمكن أن توفر للمهاجم مكاسب كبيرة.

في هذه الحالة، تسببت هذه الصفقات في تراجع قيمة تيرا، مما أدى بدوره إلى انخفاض عملة لونا أيضا، وبمجرد الانتباه لما حصل، تسبب ذلك في حالة من الذعر، وأدى بدوره إلى عمليات سحب كبيرة في السوق، الأمر الذي تسبب بعد ذلك في مزيد من الذعر.

ويقول التقرير إن بعض العملات المستقرة تعتمد إلى حد كبير على الإدراك والثقة، وبمجرد أن يتزعزع ذلك يمكن أن تظهر انخفاضات كبيرة، وقد أدت الانخفاضات الرئيسية الأخيرة في العملات المشفرة إلى التشكيك في مدى استقرار العملات المستقرة، علما أنها صُمّمت حتى لا تكون قيمتها غير متقلبة من خلال الحرص على أن تكون مقومة بأصل آخر.

وأشار الكُتَّاب إلى أن التأثيرات التي شوهدت هذا الأسبوع امتدت لتشمل عملات التشفير بأكملها، ولتخلق خسائر خلال يوم واحد شبيهة بما حصل في “الأربعاء الأسود” للعملات المشفرة (الأربعاء الأسود هو اليوم الذي تسبب فيه المضاربون في انهيار قيمة الجنيه في عام 1992)، أو يمكن القول إنها أسوأ منه حتى لدرجة أن العملة المستقرة الرائدة “تيثر” (Tether) فقدت الأصل الذي يقوّمها وانخفضت قيمتها إلى 95 سنتا للدولار، مما يفرض حاجة ملحة إلى التنظيم، متسائلين: إذا لم تكن العملات المستقرة مستقرة بالفعل، فأين هي المساحة الآمنة في عالم العملات المشفرة؟

الثقة في العملات المشفرة

يؤكد الكُتَّاب أن مستقبل العملات المشفرة سيعتمد على كيفية استجابة المستثمرين لهذه التقلبات، إذ شهد السوق بالفعل حالة من الذعر واليأس، والتسابق للوصول إلى البنوك، ولكن في ظل هذه التدفقات التي تشهدها البنوك، يميل العملاء إلى القلق من أن بنوكهم لن تكون قادرة على منحهم أموالهم، بدلا من القلق من أن أموالهم قد أصبحت عديمة القيمة، لافتين إلى أنه مع تعطل سوق الأسهم، تصبح هذه المقارنة أكثر دقة، إذ ينتاب المستثمرين القلقُ من أن الحصص والأسهم التي يمتلكونها ستصبح عديمة القيمة قريبا.

وحتى الآن، يشير رد الفعل الذي خلّفه هذا الانهيار إلى أن قسما كبيرا من مالكي العملات المشفرة ينظرون إلى استثماراتهم بطريقة مماثلة، وبغض النظر عن تقلب الأسعار التاريخي، هناك افتراض أساسي غالبا ما يتبناه المستثمر وهو: أن سعر الأصل سيرتفع، وسيستمر في الارتفاع، وبالتالي لا يرغب المستثمر في تفويت تلك الفرصة، وما أن يلاحظ ارتفاع قيمة الأصول ويعتقد أنها مستقرة فيستثمر. ونتيجة للنجاحات الأولية التي يشهدها المستثمر في أغلب الأحيان، والضغط الذي تخلقه وسائل التواصل الاجتماعي والخوف من خسارة مكاسب “حتمية”، يدفعه ذلك إلى استثمار المزيد.

وببساطة، سوف يستثمر الكثيرون في العملات المشفرة لأنهم يعتقدون أنها ستجعلهم أكثر ثراء، لكن لا شك في أن هذا الاعتقاد قد تراجع بسبب ما حصل مؤخرا، فقد يكون الدافع الآخر للاستثمار في العملات المشفرة هو الإيمان بطبيعتها المتغيرة، وهي فكرة أن العملات المشفرة ستحل في النهاية محل الطرق التقليدية للتبادل المالي، وبالتالي يعتقد المستثمرون أن أي زيادة في قيمة العملة المشفرة هي دليل على القوة المتزايدة لهذا النوع من العملات مقارنة بالأموال التقليدية، وفي المقابل فإن الانخفاض الكبير في قيمة العملة المشفرة ليس مجرد خسارة مالية، بل خسارة أيديولوجية.

وفي الوقت نفسه؛ يخلق هذا الموقف الأيديولوجي مجموعة من المستثمرين الأقل احتمالا للبيع في مواجهة أي هبوط حاد، وهذه المجموعة هي التي قد توفر الأمل لقطاع التشفير.

ويلفت الكُتاب إلى أنه في حالة انهيار البورصة القائمة، عادة ما نتحدث عن عودة “القيمة الأساسية”، وغالبا ما يُفترض أن القيمة الأساسية للعملات المشفرة هي صفر، ومع ذلك توجد على الأغلب بعض القيم الأساسية التي تُحدد بمدى إيمان المستثمرين فيها، فقد يحدد حجم مجموعة المستثمرين، الذين يمتلكون العملة المشفرة لإيمانهم بمستقبلها على المدى الطويل والأرباح الجديدة، تلك القيمة الأساسية للعملات المشفرة

وفي الواقع، بحسب التقرير، يمكننا تقسيم مستثمري العملات المشفرة إلى مجموعات مختلفة ذات دوافع مختلفة، وذلك من شأنه أن يمكننا من فهم السلوكيات التي نراها بشكل أفضل، ولكن النصيحة التي سيقدمها لك أي مستشار مالي، سواء في العملات المشفرة أو في أي سوق آخر، هي أنه لا شيء مضمون في هذا المجال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *