أوراق من ساحة المقاومة: محاولة جادة في فهم تاريخ المقاومة المغربية

القائمة البريدية

إشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد الموقع .

بصم المقاوم مولاي عبد السلام الجبلي، على صك التماهي مع مقولة “عندما يتحول الإنسان إلى فكرة، فإن وسائل القمع تتحول في يد خصمه إلى خرافة”، وفعلا تحول الفعل المقاوم إلى فكرة تجاوزت الشخصية الفيزيائية ل “مولاي عبد السلام الجبلي”، الذي عكف على نبش ذاكرة المقاومة، فآل إلى أيقونة مقاومة تحقق وجودها وتؤكد كينونتها في سياق التغيير الذي اجتمعت حوله ثلة من الوطنيين المقاومين منهم والسياسيين، التي اعتبرت الإنتماء إلى هذا الجسد ضرورة ملحة، إن في مرحلة الإستعمار وإن في مرحلة الإستقلال.
لم يلن مولاي عبد السلام الجبلي لوقع الأحداث التي واكبت تاريخ المغرب الحديث، ولم يتخلى عن سلاحه الفكري، أو يضعه في ثلاجة الإنتظار شأن الكثيرين، وإنما ظل مرآة لما يبوح به المؤلف الذي أصدره حديثا “أوراق من ساحة المقاومة”، النافث فيه من روحه ومن نشاطه الحركي الممارس، مما يعتبر أساسا وآلية من آليات رد الإعتبار إلى ملاحم المقاومة المغربية المتجنى عليها من بعض من نسبوا المواقف إلى شخوصهم، بادعاءات لا تصمد أمام الواقع، ولا تزكيها الأحداث، موظفين صمت رموز المقاومة لخدمة أغراضهم الشخصية عن طريق انتحال الكذب وتزوير التاريخ المقاوم.

عنون المقاوم مولاي عبد السلام الجبلي كتابه “أوراق من ساحة المقاومة”، والذي يعرف العلاقة بين مولاي عبد السلام الجبلي ومولاي عبد الله إبراهيم، يدرك العلاقة الرابطة بين الرجلين، ويكشف سر تماهي صاحب الكتاب مع كتاب مولاي عبد الله إبراهيم “أوراق من ساحة النضال”.
في خضم هذا التماهي، يجود الكتاب بما يزكي هذا التطابق النسبي في العنونة بين الإصدارين، ويؤطر مولاي عبد السلام الجبلي كتابه بإهداء الكتاب إلى روح عبد الله إبراهيم، وهو اعتراف بلغ حد النبل على ما يجمع بين الرجلين من علاقة فكرية وسياسية، المنبنية على المثاقفة حد التطابق في الرؤى وفي وسائل العمل، وإن اختلفا في الميدان لغاية الإصلاح والتغيير.
تندرج مفاتيح شخصية صاحب الكتاب، بملامسة عاملين أساسيين، الأول يكمن في استعراض الظروف الأسروية التي أحاطت الطفل برؤية دينية صرفة، كما يتبدى الثاني في الشرط التاريخي الذي هيأ الطفل للإنخراط في المجال السياسي في سن مبكرة، خلال الأربعينيات، في لبوسها القسري الذي جايل فيه السجون ) أغبيلا- القنيطرة- بولمهارز(.
وعن طريق اللا وعي، يستحضر ما وراء الإصدار مقولة إبن تيمية )إن سجنوني ففي السجن خلوة، وإن نفوني ففي النفي جولة، وإن قتلوني ففي القتل شهادة(، هذه المقولة تحيل على مفهوم السجن في تجربة المقاوم مولاي عبد السلام الجبلي، إذ لم تنل من عزيمته إكرهات النفي والسجن، وإن نجا بأعجوبة من الموت.
لقد حول مولاي عبد السلام الجبلي، واقع السجن في أبعاده الثلاثة إلى رسالة جسدها في عملية التكوين والتربية لإعداد السجناء للدفاع عن أوضاعهم داخل أسوار المعتقلات وخارجها.
كتاب “أوراق من ساحة المقاومة”، سجل يرصد تجليات المقاومة بعين عاشت مسارها مدا وجزرا، وجعلت من هذا المؤلف سفرا من أسفار التاريخ المغربي إبان التحرير، وهو قبل ذلك يقدم خلاصة لتجربة ذاتية استفزت الأوضاع آنذاك، لتتحول إلى رمز من رموز المقاومة، وفاعل في تحريك سيورها في كل أرجاء المغرب.20160102_151354

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *