المسيرة الخضراء تلقن المغاربة درسا “فوق العادة” في الوطنية

القائمة البريدية

إشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد الموقع .

عماد بنحيون
“في المملكة المغربية الشقيقة، أرى أن المسيرة الخضراء محطة تاريخية مفصلية في الدراسات المتخصصة المعنية بتتبع هوية الشعب المغربي وتاريخه النضالي وما يزخر به من محطات أسهمت جميعها في تأصيل الروح الوطنية وتجذرها. فالمسيرة الخضراء لم تكن خطبا ولا دروسا نظرية في العمل الوطني، بل ممارسة واقعية، وسلوكا حقيقيا، ترجم قيمة انسانية نبيلة هي حب الوطن، ووضعها في إطارها الذي تستحق ” انتهى الكلام.
إنها شهادة من كاتب عربي مرموق يدعى ” سالم الكتبي” يزور المغرب باستمرار، ويعرف عن قرب خصال المغاربة وعاداتهم كما يعرف تاريخهم، ووصفه هنا أن “المسيرة الخضراء محطة تاريخية مفصلية” ليس فيه مبالغة أو تنكر لتاريخ المغاربة الجهادي والنضالي التليدين، اللذان لا يجادل فيهما اثنين، بل هو وصف استطاع بالفعل أن يضع يده على شكل آخر من الجهاد والنضال، فريدا من نوعه، لا يشبه كل أشكال الجهاد والنضال في العالم بأسره.
لقد انتبه هذا الكاتب العربي الحصيف، أن المغاربة قد تلقوا درسا تاريخيا فوق العادة في الوطنية، بعدما أكد الملك الراحل الحسن الثاني بحق المغرب في صحرائه، و أعلن عن تنظيم مسيرة سلمية في يوم السادس من نونبر 1975، شارك فيها 350 ألف متطوع مغربي، اجتازوا الحدود رافعين القرآن الكريم و الأعلام الوطنية، فمكنت من فتح الطريق لاسترجاع الصحراء بعد أكثر من 92 سنة من الاحتلال الاسباني، من سنة 1883 إلى سنة 1975.
وأراد أيضا جلالة الراحل الملك الحسن الثاني، من خلف حدث المسيرة الخضراء، في ظل الظروف العصيبة التي يعرفها العالم بأسره، من انتشار للفكر الإرهابي وتوق العصابات المنظمة إلى إراقة الدم وخلق الذعر، ونشر الخوف بين الأطفال والنساء والرجال والشيوخ، أن ينبه إلى رسالة السلم والسلام في المسيرة الخضراء، وإلى التأثير القوي لمعجزة القرن في ضخ دماء وطنية مميزة للمغاربة، لأن المسيرة الخضراء على حد تعبير الكاتب سالم الكنبي، لم تكن خطبا ولا دروسا نظرية في العمل الوطني، بل ممارسة واقعية وسلوكا حقيقيا ترجم قيمة انسانية نبيلة هي حب الوطن، ووضعها في إطارها الذي تستحق.
إن ما يميز، إذن، المسيرة الخضراء، هو أنها تعتبر أكبر عملية بشرية تم بواسطتها استرجاع أراضي من الاحتلال، فاسترجاع الصحراء المغربية من الاستعمار الإسباني بواسطة تنمظيم مسيرة سلمية خضراء، حقنت المغاربة بمصل مزدوج، يذكي روح السلام في إحساسه، و يجبله على الدفاع عن الحق، فأصبح المغربي بطبعه وطني غيور لا يلجأ إلى الحرب، مادام لم يستنفذ جميع المساعي السلمية، فكان سباقا إلى الدعوة للإئتلاف والتوحد على الصعيدين المغاربي والعربي، وكان سجل بلده المغرب حافلا بتنظيم العديد من المؤتمرات والتظاهرات واللقاءات والمفاوضات التي من شأنها أن تجنب العالم العنف والدمار.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *