“مراكش ألف حكاية وحكاية” … كتاب صدر للباحث عبد الله العلوي

القائمة البريدية

إشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد الموقع .

عبد الرزاق أبوطاوس

يكون كتاب {مراكش ألف حكاية وحكاية} الذي طرح بالسوق الثقافية بالمدينة مراكش قبل أسابيع مرفقا بكتاب {جماعات مخالفة وجماعات مجذفة}، للباحث مولاي عبد الله العلوي عن دار النشر {المطبعة الوطنية}، يكون من حيث العمل المستمر من لدن الكاتب إصاخة لصَرَّةِ الرشح الذي ينسكب ليس فقط عن ضغط مكتنز الصور المختزلة حول ماضي الذاكرة المحلية، والتفاسير والتآويل التي أسقطتها وقابلت بها لاحقا المشاهد الثابت/المرئي الفوتوغرافي أو المتحرك/السينمائي، وتأثيراتهما في بلورة المعرفة بالثقافة البصرية المتعلقة بالإلتقاط الآلي (صورة فوتوغرافية أو سينمائية)، وأيضا عبر فنون التشكيل، كما ليس هذا الإنصات ناتج ازدحام في مخزون مسموع التآليف المنقولة شفاهيا عن غرائبيين ليسوا {حكواتيين} كما ليسوا {رواة}، وهم بتسمية الكاتب {تواشة} عاشوا التجربة السردية على محيط الساحة بداخل أحياء المدينة القديمة وفنادقها الشعبية.

 لذلك فالكتاب {مراكش ألف حكاية وحكاية} الذي قدم طبعته الأولى الدكتور حسن أوريد، وقضى الكاتب مولاي عبد الله العلوي نحو عشرون (20) سنة في جمع مادته وأخذ جزء غير يسير من هذا الجمع لمادة الكتاب عن مجايلين لتاريخ الحلقة بالساحة، بحسب ما أفصح عنه الكاتب في توطئة الكتاب، يعتبر الكتاب مراقبة لتنوع وتعدد أشكال الفرجة بالساحة جامع الفناء أو الممأسسة (السينما)، وعلى هوامش الساحة القريبة بالأحياء الشعبية من خلال دالاتها ومدلولاتها في أبعادها السيكولوجية، وما تحمله تكوينيا وتلقيه أيضا لتفسير الظاهرة السوسيو ثقافية المحلية التي أصبحت تدخر مسلكين في عملية البناء والإنجاز لهذه الثقافة بالوسط الشعبي: تراثي ومستحدث/ لَعْبِيٍّ ومَسْرُودٍ، فالكتاب إذن {مراكش ألف حكاية وحكاية} بالقدر الذي يوثق فيه لساحة جامع الفناء ولمشاهير الساحة، هو كتاب يستغل المنهج التوثيقي لحسم النقاش بالمعلومة إزاء بعض الخلاف الحاصل في الدراسات المهتمة بتاريخ الفرجة بالساحة (الحلقة)، من ذلك:

الحلقة طرح البدايات وتأريخ الترجيح   

أولا: أن التأريخ لظهور الحلقة بساحة جامع الفناء يغلب عليه الترجيح، إذ بحسب الكاتب مولاي عبد الله العلوي، أن هذا التأريخ يفتقد إلى الدقة لبداية الحلقة بالساحة، ويقف عند ذلك بين مادتين، المادة التي ترجع ترجيح ظهور الحلقة إلى عشرينيات القرن 20، والأخرى التي ترى أن ظهور الحلقة بالساحة قديم عن ذلك، بدليل تجمع جماعة الْكَتَبَةِ والحكائيين والوعاظ بساحة الكتبية على العصر المرابطي، ويرى الكاتب أن الأقرب إلى الترجيح في التأريخ للحلقة بساحة جامع الفناء والأخذ به باعتبار أصناف الحلقة وتنوعها، الرأي الأول لانسجامه مع حالها، فيثبت أن ظهور الحلقة قد كان في عشرينيات القرن 20، ويدعم الكاتب هذا الرأي لتزامن ظهور الحلقة مع تأسيس (حي بغاء) متاخم للساحة (عرصة موسى) وفتح مقاهٍ وحانات ودكاكين بيع النبيذ، ووقوع الساحة بين ذلك أمام رأيين حول قيمتها الإعتبارية، رأي أنها (مدرسة/ساحة تربية) لاعتبار ما يعتمل بها من فنون الفرجة، ورأي رآها (ساحة فساد)، والأخير يفسر جزم الكاتب أن {الحلاقية الأول} بالساحة هم غير المراكشيين بالنظر إلى الغلبة التي كانت للتيار المحافظ على الأسر المراكشية التي كانت تحذر أبناءها من المرور عبر الساحة، ومنع النساء من شهود الحلقة، لذلك فإن جل منشطي الحلقة {أغلبهم من قرى ومدن أخرى، ونادرا ما نجد “مراكشيا”} يكتب الكاتب الذي يذهب إلى أن ظهور أنواع الحلقة بالساحة وقسمها بين حلقة (صباحية ومسائية وليلية) كان ينتج مع مرور الزمن، فقد كان الوعاظ والحكواتيون أول من بدأ الحلقة، أعقبتهم مع الزمن حلقة ( مول الحمام- لاعب الدراجة- صاحب البنادق- القمار … وغيرها أخرى)، غير أن الطفرة التي ستعرفها الحلقة في تاريخ الظهور، إنهاءها لاحتكار الرجال لفنون الفرجة التي تقدمها، بظهور المرأة/الحلاقية، وهو الدور الذي سوف يصعد منذ ستينيات القرن الماضي، ويتأكد في سبعينيات نفس القرن الماضي {عندما صارت النساء تنافسن الرجال في الساحة} لكن هناك يشير الكاتب {ملحوظة جوهرية، فالنساء لم يمارسن الحكي ولا الوعظ في الحلقات، بل اقتصر نشاطهن على حلقات الدواء والغناء والألعاب والعِرافة.

ثانيا: يفترض كتاب {مراكش ألف حكاية وحكاية}، قبل تقسيم أنواع الحلقات التي يجعلها ثلاثة، أن أكبر فُرْجات الساحة، فرجة ” طوطو غماري” التي تعود إلى عهد الإستعمار، وكان يقدمها الحلايقي (برغوث)، الذي كان بتعبير الكاتب {يتظاهر بالحديث إلى “شيء” ما تحت منديل، يضعه أمامه يسميه (طوطو غماري)، ويطالبه بأن يحدثه عن الغائب}، بيد أن هذه الحلقة سيهتم بإدارتها بعد (برغوث) الذي سينتقل إلى أن يصبح(مسعفا أو ممرضا)، الحلايقي (منخر الجحش) الذي أضاف على الفرجة إدخال مسمار ضخم بوصف الكاتب إلى أنفه، ثم هناك أكبر الحلاقية (قلوش) الذي توفي عن سن جاوز المائة سنة (القرن)، ومارس الحلقة لأكثر من 80 سنة، بدأها في العام 1932 بالساحة التي لم يجد بها غير شخصين هاويين يمارسان الحلقة، بينما كان أول من احترفها، وكان حفاظا لقصائد الملحون، وقال الموسيقار المطرب عبد الوهاب الدكالي، أن {قلوش ألهمه لحن أغنية “كان يا ما كان”} استنادا إلى ما أورده الكاتب مولاي عبد الله العلوي في الكتاب.

 

وفي تقسيم الحلقة، يدخل الكتاب حلقات (الحكي والوعظ والإرشاد وبيع الدواء والتعاويذ) في الحلقة الفردية التي ينشطها شخص واحد، ويدخل في الحلقة الثنائية التي ينشطها ثنائي، حلقات الحوار (العروبي والمديني)، و(الشلح والعروبي)، وحلقة “الشرقاوي وابن فايدة/ (مول الحمام)”، وفي الحلقة الجماعية التي ينشطها جماعة تتألف من أكثر من شخصين، تدخل حلقات الغناء/(فرقة بن حمامة الحوزي- فرقة الغناء العصري- فرق الغناء السوسي- فرق أغاني الغيوان)، والألعاب الرياضية (أولاد سيدي حماد أو موسى- صاحب الحمار- صاحب الزجاجات- صاحب طيور الحمام- الملاكمة- الكولف- القناص)، كما يمكن أن توجد الفردية أو الثنائية كما لاحظ ذلك الكتاب في حلقة الغناء، حيث شخص واحد يقوم بدور العزف والغناء، أو ثنائي عازف وضابط إيقاع، ويبصر على جانب آخر من هذه الملاحظة، أن هناك من المغنين من يقيم حلقته على ترديد أغنية واحدة باستمرار، وكانت إحداها مرثية للسلطان محمد الخامس في عنوان {نهار عشرة في رمضان}، والأخرى في فن “الكناوي” من ترديد دائم “للكناوي بوجمعة”، أورد الكاتب مطلعها بنص (المشة يا بنت الكافرة كليت لخليع فالقلوشة)؛  وفي أشهر المغنين دون الكتاب أسماء فريد وعبد الرحمان وعزوز الذي شوهدت برفقته أول امرأة مغنية بالحلقة وكانت مكفوفة.

التواشا- “أنا” التجربة التعبيرية/{متلازمة البطولة}

تمتد الإصاخة وتتواصل مستمرة من قبل الكتاب {مراكش ألف حكاية وحكاية}، لمأثور المشاهدة وللمتناقل الشفاهي حول عميقه الذي لم يعايشه الكاتب مولاي عبد الله العلوي، وسعى في الإطلاع عليه من خلال رواية الرواة الذين جايلوا المراحل البعيدة للساحة ولظهور الحلقة بما اقتلعته وتزودت به علامات دالة على نشاط تعبيري مرتبط بالثقافة المحلية ضمن المجال الشعبي وإطار العامي البسيط، فإن إلقاء الكاشف على تجربة {التواش}، هو إلقاء على مادة مؤانسة ظلت خارج التدخل النقدي الذي واكب أشكال التعبيرات الفرجوية والمؤانساتية، ومقصية عن المطالعة السوسيولوجية لفهم التركيبات الذاتية والموضوعاتية، ويعتقد كثيرا بأن الكاتب مولاي عبد الله العلوي قد يعد المبادرة إلى تحقيق جزءٍ أو بعض من هذا التناول على الأقل على مستوى الإشارة المهتمة بهذه الفئة، وأيضا توفير نصوص تعبر عنها، وإذ أن لمثل هذا التدخل ما يبرره، فهو استنادا على نصوص مادة الكتاب، يبرز صراعا قائم بين المخيال بصفته صانع أو أنه مختلق لهذا النشاط التعبيري، وبين تخيله باعتباره مُرَتِّباً للمعرفة به وإدراك تأثيرات هذه المعرفة التي تلتجئ وترتكن إلى أسلوب {المبالغة} في صوغ تعبيراتها اللغوية والتصويرية لِلْمُشَاهَدِ موضوع التجربة الإنشائية الرمزية للصورة وللمشاهدة في هذا المخيال، وأيضا في صياغة الرؤية للمواقف والأفكار التي يعمق أثناءها المنتج للموضوع المتخيل دوره في التجربة التي ترتبط بذات{الأنا} الصادرة عنها في عموم الصياغة للتجربة التي تكتسح تقديم المُشاهد أو الموقف والفكرة، وتستقر أكثر و بإيعاز من هذه المبالغة بالإدراج في {اللا معقول} وتقف موضوعات الكتاب {مراكش ألف حكاية وحكاية} للكاتب الباحث مولاي عبد الله العلوي عند أبرزها وأبقاها في ذهن وذاكرة الثقافة المحلية على محدودية انتشارها وتداولها لتعلق ذلك بشروط عائدة إلى {التواش} نفسه كما تشير تفسيرات الكاتب إلى ذلك.

هُمْ غرائبيون يستندون على القدرة في سرد إتيان ما لا يستطع منطق القدرة البشرية نفسه على تقبل {فعله}، تأثيرا في الحدث وإحاكة إثارة بلاغية في وصف الفعل، هذه الإثارة البلاغية التي قد تكون مجرد تعليق فقط، ويظهر باعتباره ردة فعل تركز على المحدودية في استقبال الإستظهار الذهني للمتلقي في إطار الإنشاء الذي يستحدث ويسوي ويطبع شفاهيا حدث الحكاية/ التويشية}، ويستعين الكاتب مولاي عبد الله العلوي في تسمية هذه الفئة باستعارة الوصف الدارج عليها محليا ويأتي على صيغة المبالغة والتكثير {تواش وجمعه تواشا} ويطلق على صناعتهم الحبكية {تويشية}، و{التويشية} تسمية تضمنت تحريفا للمصدر {تَوِشِيَّة} من الفعل {وَشَّى}،  فإذ هو يشي الكلام، يزخرفه ويحسنه، يخضع المبادرة الحركية (الفعل) في {التواشة}، فتحها وإغلاقها في أثناء المحكي لإدارة القدرة على إنجاز المنتج/{التواش} عينه للخارق في تصور المخيال وتركيب فعل التخيل بما ينسجم مع ما اصطلح عليه الكاتب مولاي عبد الله العلوي {متلازمة البطولة}، وحيث يعرف الكاتب {التواشا} الذين يعرفون بالدار البيضاء {قنابلية}، أنهم (أشخاص تفننوا في إبداع حكايات ترتبط بهم، غالبا لم تقع أحداثها، لكنهم آمنوا بها، وتمتعوا بخيال واسع مع ذاتية مفرطة من أجل رد الإعتبار لأنفسهم…)، كما يحيل الكاتب على تسمية {التهاند} وهي تسمية أخرى محلية لجمهرة {التواشا}، ويرجع الكاتب التسمية الأخيرة {التهاند} إلى الكلمة الإنجليزية التي تظهر على شاشة السينما في نهاية كل فيلم هندي (THE IND)، وتقرأ عند الجمهور {تهاند}، واستثمرها التلقي الشعبي البسيط  في تعبير عن غير الواقع والحقيقة.

و{التويشية} بامتلاكها لعناصر الدهشة والإنشداه، تضع متخيل القارئ في الإستقبال بين اختلاف الوضعيات التي يوجد عليها {التواش} وادعاء النقيض الذي هو موضوع {التويشية}، وبالرجوع إلى التصويرات والتقديمات للشخصية {التواشة} التي أوردها الكاتب مولاي عبد الله العلوي في إصداره {مراكش ألف حكاية وحكاية}، يعثر ضمنها على تنوع في الأسلوب بين التجاوز لمنطق القدرة على الفعل أو {اللا مقبول}، واللامتوقع والمقلب، والشخصية القائمة بالفعل غير {التواش} نفسه، ويُقَدَّمُ {التواش الشريف} جامعا لهذه الأساليب حتى الإنفراد، ومن {تواشاته} مثلا في {اللا مقبول من الفعل/الحدث} الحديث عن شخصية {توما} الذي كسب رهان أكل (عبرة من الملح/ العبرة في الكيل مقدارها 10 كيلوغرامات)، ثم عن ذاك الذي بتر أصبعيه وهو يحضر الطنجية ولم يكتشف الفعل إلا بعد أن تسلم الطنجية من الفرناتشي وشرع في الأكل فتبين حينها فقده لأصبعيه، ثم من هذه الوضعيات التواشية، الوضعية {الفيزيولوجية} التي لا يستقيم أداء الفعل مع وصفها مع ما توجد عليه بنية الجسد كما لدى {التواش العسكري، القصير القامة والنحيف} الذي يهزم في لعبة مصارعة الأيدي كل منافس من أصدقائه الذين أثناء ممارستها يبدون مقاومة ثم إيهامه بسرعة الإنهيار وسقوط أيديهم وغلبته لهم، مؤكدين له قولته {أن القوة في العظم}، التي ينطقها واقفا وقفة المنتصر، بيد أن يده {أشبه بيد طفل} بوصف الكاتب.

غير ذلك من الوضعيات النقيضة {وضعية الإنغلاق على الذات خشية الصدمة/ التواش مبارك-وضعية بحبوحة العيش /التواش عزيز- وضعية السيطرة وتسخير الجن/ التواش القاري}؛ وغيرها وضعيات أخرى تطلع بتكثيف الإثارة من خلال جملة حكائية لا تحتمل التمطيط أو تفريع عناصر مساعدة على إنجاز حدث {تويشية}، واستبعادهما لفائدة الصوت السردي والمقطع الحركي الأساسي، لأن شأن ذلك أن ينشئ منافسة في حالة تعدد المشاركة في العملية السردية والإنجاز للحدث لحضور {التواش} المطلق، إما باعتباره منتجا لشفاهية النص في حالة إسناد {واقعة التويشية} للغير كما في {تويشية عبرة الملح/توما}، أو لكونه جامعا بين شفاهية النص  ولعب الدور الرئيسي، بما قد يفسر السعي نحو بناء شخصية تخفي العجز النقيض للقدرة، وبينهما استبطان للظهور، وهو ما يفسر أيضا أن {التواش} معلول بما اصطلح عليه الكاتب مولاي عبد الله العلوي {متلازمة البطولة}.

الصورة في القضية الوطنية

يؤكد الكتاب {مراكش ألف حكاية وحكاية}، بأن تعامل الوسط الشعبي بعموم المغرب، قد ارتبط تاريخيا مع انتقالها من متنوج مرفوض فوتوغرافيا لا يسمح بالتقاطه أو كان نحثا لا تسمح حيازته، لسبب فقهي يتخوف التحول للمنتوج إلى {وثنية} ترتبط بهما، وأن الصورة التي ظهرت لمغاربة قد ارتبطت وطنيا بمطلع القرن العشرين، وكانت يتوفر عليها كما يدرج ذلك الكاتب الأجانب وعائلات ثرية، وبأن حقيقة القبول للتصوير والصورة الفوتوغرافية تعود إلى قانون الحالة المدنية الصادر في العام 1951، غير أن هذا الوضع لم يلبث أن يتغير عندما أصبح المغاربة أمام ما أسماها الكاتب مولاي عبد الله العلوي {الصورة السياسية} التي قوضت كل رفض مع نفي السلطان محمد الخامس، بحيث أبدع كما في نص الكتاب {رسامو الحركة الوطنية رسوما للسلطان مع حكايات مرتبطة بها على قلتها}، وأصبحت بالتالي {بمثابة منشور وطني أو ثوري}، وبحيث أصبح {تأثيرها كبيرا على الجماهير التي لم تك على اطلاع بمجريات الأمور، وحتى التي كانت على اطلاع، ارتبطت من خلال هذه الصور بالقضية الوطنية}، ويعتبر الكتاب الصورة التي تظهر شخصا مكبل وهو يتوسل إلى السلطان محمد الخامس إحدى أهم الصور التي {أبدعت في مرحلة المقاومة والحكة الوطنية 1953/ 1956}، ثم إلى هذه الصورة، الصورة التي شغلت وانشغل بها المغاربة وهي {تلك التي أوحت برؤية السلطان محمد الخامس في القمر}، ومهما يكن من اختلاف حول مصدر فكرة هذه الصورة، فإن القصد من هذه الصور كما يكتب الكاتب هو {إبقاء صورة الملك مستمرة في ذهنية الشعب، وهي إحدى الوسائل التي ابتدعتها الحركة الوطنية}؛ كما يدرج الكاتب صورة المقاوم {محمد بن بريك} من خلية مراكش، والمشهور بالإسم الحركي {حمان الفطواكي}، وأخذت أثناء محاكمته مع مقاومين في العام 1954، وتظهره وهو يعتمر طاقية، من بين أكثر الصور الجماهيرية تأثيرا، وعرفت من إنجاز الفنان المهدي بن عبد الحق، وكتب في شأنها الكاتب مولاي عبد الله العلوي، بأن هذه الصورة للمقاوم محمد بن بريك (حمان الفطواكي) قد {أسست منحى بصريا، ارتبط في ذهن الجماهير الشعبية بالشخصية والنضال والعطاء، وبرمز أصبح بفضل الصورة أشهر المقاومين المغاربة}.

يكتب الدكتور حسن أوريد في تقديم الكتاب، {لو كان هذا النص مجرد رصد للذاكرة لكفى صاحبه ذلك، لكنه قطعة أدبية، بأسلوب رشيق، وتصوير أنيق، ولغة جذابة، مما يضفي عليه جمالا وسحرا}.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *