شيماء دوبلال: صوت من عمق الريبيرتوار الغنائي المغربي

القائمة البريدية

إشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد الموقع .

أماط حفل تكريم الممثل المغربي “جواد السايح” الذي نظم مؤخرا بالمسرح الملكي بمراكش، اللثام عن جوهرة مكنونة في فن الموسيقى والغناء، المراكشية المولد، طالبة السنة الأولى بأحد معاهد علم التدبير والإعلاميات، ذات 21 سنة، “شيماء دوبلال”، التي حملت الحضور بشذو تضوع من الطرب المغربي أريج العتاقة التي أحلت فن الموسيقى و الغناء المغربيين مكانا رفيعا بين مدارس الطرب العربية، واستقطب عناية البحث الأكاديمي للإنتباه وأرشفة مستوى الطبقات الصوتية  في تنوعها وجودة الأداء الحريص على إعطاء مخارج الحروف أبعادها الفنية، ويلحق بها من تحميلات جمالية منجذبة نحو ما يمكن الإصطلاح عليه “التعبيرية الصوتية” المتأصلة في علم الأصوات الذي تندرج في إطاره قاعدة مخارج الحروف،  المتجذرة في الأداء الصوتي/ الفني المغربي، وترى تفردا أكثر ما يحضر ويميز  فن الزوايا الدينية “المديح والسماع” الذي أثر في أكثر الأنواع الغنائية بالمغرب، من شعبيات التراث إلى عصر الأغنية الحديثة التي قدمت من منتصق خمسينيات القرن العشرين، أصواتا بليغة الأداء ” عبد الوهاب أكومي- أحمد البيضاوي”، وسيتينيات نفس القرن “عبد الهادي بلخياط- عبد الوهاب الدكالي”، وسبعينيات عين القرن التي قدمت مطربة ذات الأصول الأمازيغية “نعيمة سميح” التي بتعبيريتها الصوتية للجملة العربية أقحمت الأداء الصوتي ضمن أنتروبولوجيا الأصوات، حيث هنا تكمن صعوبة مضاهاة هذه الطاقة الصوتية ذات “البحة” العادية التي تمازج، تخادن، تجاور العملية الإيصاتية، تلون مخرج الحرف بشكل طوعي وطبيعي، وتجعل محاولة التقليد للفنانة نعيمة سميح أمرا محفوفا بخطورة عدم التوفق،  حيث تقول الفنانة “شيماء دوبلال” في هذا الخصوص، بأن “الخامة الصوتية للفنانة نعيمة سميح، ليست هي أصل الصعوبة في القدرة على إعادة إنتاج أغاني هذه الفنانة التي تجاوبت قدرتها الصوتية مع بلورة مشروع اللحن المشدود إلى الجملة الإيقاعية التراثية في أعمال الملحن عبد القادر الراشدي، عبد القادر وهبي، أحمد العلوي، ونص هذا المشروع الشعري الذي صاغه أعلام الزجل بالمغرب، الذين طوعوا العامية المحلية ومنحوها بعدا تعبيريا راقيا من قبيل أحمد الطيب العلج، علي الحداني، وإنما الصعوبة تتدثر في البحة الفطرية التي هي مزيج من عمق تراب الجنوب المغربي الأمازيغي، بمعنى، أن من يقدم أو يتطاول على تجربة أداء أغاني الفنانة نعيمة سميح، مطلوب أن يمتلك هذه البحة الفطرية التي عند الأداء تكون شرط نجاح غير مفكر فيه”.

DSC_0998

مجرة الموسيقى والغناء، أهدت في حفل تكريم الفنان الممثل “جواد السايح”، “لبابة” إستشراف الأداء الصوتي للكلم بالمغرب، أهدت “شيماء دوبلال”، التي جسدت ذلك التمثل الفطري لخاصية الأداء الصوتي للفنانة نعيمة سميح، ببحتها التي تصعدت من دواخل مكتنزة لهذا الإلتقاء، بمبعدة عن التكلف أو انتحال  أو تظاهر، أو تجشم حذلقة، أهدت اقترابا من مصدر الصدور الصوتي للبحة الفطرية التي تتمتع بها الطاقة الأدائية للفنانة “شيماء دوبلال”، التي ظهر شغفها بالموسيقى والغناء في سن مبكرة، إلتحقت خلاله بسلك التدرج الذي انفتحت عبره على فن الموشحات، الذاكرة الغنائية الحية، التي تمكن طبوعها، أدوارها، براويلها، من تعلم الغناء على أصول موسيقية مؤلفة من مقامات وأوزان.

عن البدايات الأولى للتربية الموسيقية التي يحتل ضمنها فن الموشح مركزية تكوين الشخصية الغنائية للفنانة “شيماء دوبلال” تستذكر قائلة “تلقيت في هذا السن المبكر، ضمن النوع الفني الغنائي (الموشحات)، أصول الأداء الصوتي، متتلمذة عن أساتذة التربية الموسيقية، أبرزهم رئيس مؤسسة فدوى طوقان،سيدي محمد السماط، وأتابع حاليا الأخذ في التربية الموسيقية، عن الأستاذين عزالدين الدياني وأنس الملحوني، وأيضا في إطار المرافقة الموسيقية الجذيرة بالتنويه، لجوق الفردوس الذي يرأسه عبد اللطيف بن مومو، وإذ ضمن هذا المحيط التربوي الموسيقي، تطلعت إلى تقديم وصلات فنية غنائية ترقى إلى مستوى التكوين الذي تلقيته وأتلقاه في التربية الموسيقية التي لا يكل مجموع هؤلاء الأساتذة على جعلها عاملا أساسيا ومقوم إبداع في الأداء الصوتي لفن الغناء”.

DSC_1007

 إدراك الأهمية في التقويم الفني للتربية الموسيقية، التي لعل أدوارها التمكين الجمالي للأداء الصوتي، وازاه لدى الفنانة “شيماء دوبلال”، اعتبار أن فن الغناء بالمغرب ظل الإقبال على استهلاك منتوجه متعلقا ومرتبطا بمعيار “النوعية” الذي ينجذب نحو التيار المحافظ في شكل حضور الشخصية الفنية للفنان، وفي اختياراته النصية التي تحكمها بحسب نفس المعيار، الرصانة الأدبية للنص المغنى، قصيدا كان أو مقطوعة كلمات، وأضمومة النص التلحيني للنص الأدبي، شعرا فصيحا كان أو زجلا عاميا، وبما أن هذه الإختيارات هي ما يحقق الفارق بين استمرار أعمال الفنان في الزمن وانقطاعها عنه، فرفعة الفن تحيى في المتعدد من الترديدات الأدائية الصوتية للنص الأدبي والتلحيني الواحد الذي يظل يصطفق  في تعاقب زمن الجماعة الإنسانية التي أنتجت في مرحلة من تاريخ زمنها الإبداعي ما يصل الماضي بالحاضر، ومن ثمة البثة، الإستشراف على المستقبل، إذ تستبصر الفنانة “شيماء دوبلال”، بأن “إعادة إنتاج هذه الأعمال الفنية بالوطن العربي على العموم، في أمام جعل الزمن الإبداعي متصلا غير منقطع، وهذا تحديدا ما أعمل على محاولة استدعاؤه في التجربة الفنية الغنائيةّ التي اصطففت قي إطارها باختيار، من خلال التركيز على إعادة نسخ الطاقة الصوتية للفنانة نعيمة سميح، معتمدة في هذه العملية على قدرة الإلتقاء في خاصية “البحة الفطرية” التي تمازج الأداء الصوتي للفنانة نعيمة سميح، وكانت منطلق الشغف بالموسيقى والغناء”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *