رئيس الجامعة المغربية لحماية حقوق المستهلك بوعزة الخراطي في ضيافة جريدة الملاحظ جورنال

القائمة البريدية

إشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد الموقع .

الرباط :حسن الحماوي

إن اعتماد المغرب القانون رقم 08 -31، المتعلق بحماية المستهلك، يندرج في إطار تعزيز حقوق الإنسان ببلادنا، ومن شأن تفعيل هذا القانون بشكل سليم أن يوسع حماية حقوق المستهلكين، التي تهم ليس فقط الحقوق السياسية والمدنية، بل أيضا الاقتصادية والاجتماعية. وإن كان لا يستجيب لجميع مطالب جمعيات المستهلكين بالمغرب، فإنه يتضمن مقتضيات تحمي المستهلك من عدة ممارسات ضارة بمصالحه. وبمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحماية حقوق المستهلك الذي يصادف 15 مارس من كل سنة كان لنا حوار مع الدكتور بوعزة الخراطي رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك حول أدوار جمعيات حماية حقوق المستهلك، وأهم المشاكل والصعوبات التي تعترض تطبيق القانون 31.08 والعديد من الجوانب المتعلقة بمجال حقوق المستهلك.
 ماهو الدور الأساسي الذي تقوم به جمعيات حماية المستهلك؟ وماهي الآليات التي تعتمدها لتوعية المواطن؟
الجامعة المغربية لحماية حقوق المستهلك تأسست في أواخر سنة 2010 بتضامن واتحاد مجموعة من الجمعيات، والآن أصبح عدد الجمعيات المنضوية تحتها 50 جمعية موزعة على التراب الوطني.وهذه جاءت لتلبية رغبة الاتحاد وتقوية الصفوف بين جمعيات حماية المستهلك. والجمعية الوحيدة التي كانت تشتغل هي الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك بالقنيطرة المؤسسة في 1997، وبالطبع فميدان المجتمع المدني فيما يخص المستهلك يضم حوالي 100 جمعية 50 منضوية تحت الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، وما تبقى منها هناك من هي منضوية تحت الكنفدرالية أو فيدرالية الجنوب ومنها ما هي مستقلة وأهدافها هي تقوية الحركة الاستهلاكية بالمغرب، خصوصا وأن المستهلك المغربي هو الحلقة الضعيفة في السلسلة الاقتصادية ولا يعنى بأي اهتمام.
هذه الجمعيات يتم بواسطتها توعية المواطن بحقوقه المعترف بها وطنيا ونعلم أنه منذ الخطاب الملكي 2008، سن المغرب عدة قوانين منها 28.07 في 2010 المتعلق بالسلامة الصحية والمنتوجات الغذائية، والقانون 31.08 الصادر في 2011، والقانون 24.09 الصادر في 2012 المتعلق بالمنتجات الصناعية والخدمات، فجل المراسيم التطبيقية المتعلقة بالقوانين المذكورة صدرت إلا ما يتعلق بحق اللجوء للقضاء، وننتظر خروجه، وكذلك تعديل القانون 06.99 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، وتحيين القانون المتعلق بقضاء القرب، وهذا الأخير مهم جدا لأن جل مشاكل المستهلك تكون أقل من 5000 درهم لأنه يغني المستهلك عن المصاريف القضائية واستئناف الأحكام.
كذلك تروم الجمعيات مواكبة المواطن ومؤازرته وتوعيته عبر شبابيك المستهلك التي أسست في 2007 في إطار تشارك مع وزارة التجارة والصناعة والمؤسسة الألمانية “لاجينيت” التي دعمت بلدنا، وهو عبارة عن فضاء مفتوح أمام المواطنين خمسة أيام في الأسبوع لتلقي الشكايات في حوالي 12 مدينة. ولم يكتب لهذه التجربة الانتشار في البلاد لانعدام الدعم رغم نجاحها، ونتمنى انتشار هذه الثقافة لأن المستهلك يبحث ويرغب في الاستفسار ولكن هذه الإمكانية لم تكن متاحة له في السابق.
ما هي المجالات التي يشملها قانون حماية حقوق المستهلك؟
لا يجب اختزال الترسانة القانونية في قانون 31.08، فقد جاء بأشياء جديدة للتعريف بحقوق المستهلك وليحدد العلاقة بين المورد والمستهلك في المبادلات التجارية كالقروض والعقود، إلا أن هناك شيئين لم يتم تفعيلهما، صندوق دعم حماية المستهلك والمجلس الأعلى للاستهلاك رغم صدور قانون 2011 ونحن في الانتظار.
 هل يوفر قانون حماية المستهلك الحماية له من الشروط التعسفية، وما هي حدود هذه الحماية ونوعها؟
ج:يوفر حماية في العلاقة التعاقدية، وحدود الحماية تكون بالمراقبة القبلية والبعدية. فالقبلية تكون بالترخيص أو الاعتماد لأن أي منتج لا يسمح له بالترويج أو الاستيراد إلا بالترخيص له من طرف مكتب السلامة الصحية، وهذا شيء جديد لأنه كانت هناك فوضى عارمة. فمثلا نجد الآن في بعض الميادين، كالصيد البحري، رقابة، حيث أن المغرب حصل على الثقة من السوق الأوربية منذ 20 سنة لتصدير منتوجاته البحرية، والمؤسسة بدأت في تحسيس الفاعلين لطلب ترخيص برقم اعتماد خاص. كذلك لاحظنا في الآونة الأخيرة إشراف وزير الفلاحة في بركان على نظام الترقيم الحيواني في الميدان الفلاحي الذي يسمح بالتتبع، والهدف منه هو المراقبة الفعالة.
 هل جمعيات حماية المستهلك لها من القوة القانونية والفعلية لحماية المواطن من بعض الشروط التعسفية كالامتناع عن شراء السلع؟
نقطة ضعف قانون 31.08 هو اشتراطه على الجمعيات الحصول على صفة المنفعة العامة. وقد طالبنا مند 2009 بها ولازلنا ننتظر رد الحكومة على الرغم من أن القانون يحدد مدة 6 أشهر للرد، وعلى الرغم من رسالة التذكير إلى رئيس الحكومة لم نتوصل بالإجابة سواء بالرفض ولا بالقبول.
وما يجب التأكيد عليه هو أن الحكومة مع الأسف لا تعطي أهمية للمستهلك، فالهاجس الاجتماعي يغلب على الهاجس الصحي والاقتصادي، والدليل هو أن القطاع الغير المهيكل نراه كيف يغزو الشوارع حيث تباع السلع بدون مراقبة، وحتى المقاربة الزجرية لا تعطي نتيجة، لابد من إيجاد بديل لهؤلاء الناس لأنهم شريحة كبيرة من المواطنين ويجب إقناعها بالدخول إلى قطاع التجارة المنظم وتوفير حماية اجتماعية لهم في المقابل.
مرت أربع سنوات على إصدار قانون 31.08 وتطبيقه، كيف تقيمون هذه الفترة؟
فيما يتعلق بالمراسيم التطبيقية، كلها صدرت ماعدا مرسوم وزارة العدل الخاص باللجوء للقضاء، فالترخيص بذلك له طريقة معقدة الآن، بحيث يستحيل على أي جمعية للمستهلك الحصول على ترخيص لمقاضاة بعض المخالفين، وسبق لنا أن طالبنا بإصدار هذا المرسوم وفي حالة عدم الاستجابة نطالب بتعديل للقانون، وإلغاء الفصلين المتعلقين بالحق في اللجوء للقضاء وبالحصول على المنفعة العامة لجمعيات حماية المستهلك.
لا يعقل أن في المغرب هناك مجتمع مدني له الحق في التقاضي في إطار ظهير 1958، المتعلق بإنشاء الجمعيات، وتمنع جمعيات حماية المستهلك من اللجوء للقضاء للمطالبة بالحق المدني، فالصين رغم أنها دولة شيوعية أعطت الحق في 2010 لجمعيات حماية المستهلك في التقاضي، ونتساءل الآن هل دخلنا في عهد الديمقراطية أم هناك مستويين من الديقراطية؟
ما هي أهم المشاكل التي تعترض تطبيق قانون حماية المستهلك تطبيقا سليما يخدم مصلحة المستهلك المغربي ؟
أولا الغريب في الأمر أن في نفس الفترة صدرت مدونة السير وعرفت حملة إعلامية لا مثيل لها وما زالت متواصلة لحد الآن، هذا جيد، ونصفق لها، لكن لماذا ق ح م لم يتم التعامل معه بنفس الشكل، وأكثر من هذا، بعض رجال القضاء والمحامين يجهلون مضامين هذا القانون وهذا تقصير في التعريف به، مما جعله غير معروف. فعليهم أن يكونوا على دراية بحق الإعلام وحق التراجع، وأمور يجب معرفتها فللأسف الغرف الصناعية والتجارية ولا الحكومة نسبيا تقصر في التعريف به، رغم أن وزارة التجارة والصناعة يرجع لها الفضل في مواكبة خروج القانون لحيز الوجود لكنها لا تتوفر على الأموال التي تتطلبها الحملة الإعلامية، القانون هو معروف عن قصد لأن اللوبيات الاقتصادية تعلم جيدا مضامينه، ولكن لا تريد التعريف به رغم أن هذا القانون يوفر حماية قانونية لمصالحها.
هل تكونت لدى المواطن المغربي ثقافة الاستهلاك ؟
هي تختلف من مدينة لأخرى لأنه لاحظنا من خلال “شباك المستهلك” في المدن التي يتواجد بها، أن مدينة الدار البيضاء هي الأولى تم الرباط وأكادير ومراكش، فالمستهلك الذي يبحث عن حلول لا شك أنه ترسخت لديه هذه الثقافة. وهناك اعتقادات خاطئة يجب أن تغير مثل المثل المغربي السائد “الله يجعل الغفلة ما بين البايع والشاري”، وهذه الممارسات يجب القطع معها لأنها تحايل على القانون ويدفع الموردين إلى الغش، من الممكن أن القانون يصدر في شهر أو سنة، ولكن تغير العقليات يتطلب سنوات عديدة ونحن نستبشر خيرا، هناك إخوان يشتغلون بشكل تطوعي في الجمعيات وبدون دعم، في حين أن بعض الجمعيات التي تخدم أجندات حزبية تحصل على الدعم رغم منع ظهير إحداث الجمعيات. والحمد لله هناك من المواطنين من يناضل من أجل مصلحة العامة للبلاد.
هل يمكن القول بأن ضعف المراقبة وزجر حالات الغش تساهم في توسيع دائرة الأضرار بحقوق المستهلك؟
أستعرض عليك حالتين، حالة زيوت مكناس في الستينات، حيث حكم على المخالفين بالإعدام، لكن لم يطبق، فلو طبق ما عشنا حالة غش واحدة اليوم.والحالة الثانية، عرفت بلادنا الإعلان عن وجود الدقيق الفاسد، والوزارة اكتفت بإعطاء إنذار إلى المطاحن كعقوبة، وهذا تقصير أيضاً رغم أنها شجاعة تسجل بحقها بكونها صرحت بذلك.
تم هناك مسألة أخرى، وتتعلق بالقضاء الذي يجب أن يكون صارما، لأن القانون لا تحصل قوته إلا بوجود الساهر على تطبيقه ومن يستعمله، أي هيآت المراقبة.كمندوبيات وزارة التجارة والصناعة، وهذا لا يمكن، أن تكون قاضيا وحكما في نفس الوقت. فقد طالبنا الوزارة بإحداث مؤسسة خاصة للسهر على تطبيق القانون 24.09 و31.08 ونتمنى إحداث وزارة لحماية الاستهلاك على غرار الدول الأوربية.
لم نعد نرى مراقبة الميزان أيضا، ولم تعد تفعل رغم وجودها فإذا كان هناك نص قانوني ولم تكن هيأة لتطبيقه نصبح أمام فراغ كما هو الشأن بالنسيبة للتدخين.
 الجامعة المغربية لحماية المستهلك أصدرت بلاغا حول عدادات الماء والكهرباء التي لا تخضع للمراقبة رغم إصدار وزارة التجارة والصناعة قانونا يلزم الوكلاء بمراقبة هذه العدادات؟
المراقبة في صالح الطرفين. والمستهلك ليست له إمكانيات للدفاع عن الضرر الحاصل له، والضامن له هو الدولة، فوزارة التجارة والصناعة أصبحت تراقب استيراد العدادات من الخارج، ونشكرها جزيلا كمجتمع مدني لأنها الوزارة الوحيدة التي تتوفر على مديرية لحماية المستهلك.
   ما رأيكم في ارتفاع أثمان بعض المواد الغدائية و السلع رغم الانخفاض الملحوظ في أثمان المحروقات ؟
في الحقيقة الوزارة المعنية هي التي يجب أن توضح تركيبة الأسعار. وما دمنا لا نعرفها نعيش في فوضى الأسعار، وهي طبقت نظام المقايسة الجزئية في المحروقات بعد خروجها من محطة التكرير. فما هي قصة المحروقات المستوردة من الخارج؟ طبعا هي بثمن أقل وتجني أرباحا طائلة منها، ويجب توضيح ذلك للرأي العام، إذ هدفها هو تحرير الأسعار وهذا شيء نبيل، لكن بدون الإضرار بمصلحة المواطن وبالتالي نظام المقايسة لن يفيدنا في شيء.
كلمة أخيرة تريد أن توجهها للمستهلك المغربي بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحماية المستهلك.
يجب أن يعلم المستهلك أن لديه حقوقا معترف بها قانونيا، له الحق في التمثيلية في الجمعيات، والعدول عن الشراء من الأسواق الغير المهيكلة لأنه يشجع بتصرفه حالات الغش. حيث أن هناك نوعين، غش اقتصادي في الميزان، وغش صحي يتمثل في الظروف الغير الصحية التي تباع فيها تلك المواد. وبالتالي يجب تضافر الجهود ليكون المستهلك واعي. ونطالب من هذا المنبر أن تخصص وزارة التربية الوطنية مادة لحماية حقوق المستهلك في برامجها ومناهجها التعليمية.
وتجدر الإشارة إلى بوعزة الخراطي من مواليد 1952 بواد زم، له ثلاثة أطفال طبيب بيطري وأستاذ بمعهد الزراعة والبيطرة بالرباط، إطار في وزارة الفلاحة وحاليا رئيس الجامعة المغربية لحماية حقوق المستهلك، له مؤلفات : دليل في تربية النحل، وحماية المستهلك، وتدبير النفايات الصلبة بالفرنسية، وجودة وسلامة اللحوم الحمراء، وجودة وسلامة اللحوم البيضاء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *