حساسية الربيع التشخيص و الوقاية والعلاج

القائمة البريدية

إشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد الموقع .

مع بدء موسم الربيع والذي يتميّز بجماله، يصاب بعض النّاس بحساسيّة ثقيلة قويّة تقلب عليهم جمال هذا الفصل إلى فصل مرض وتعب. فهل يمكن التغلّب علىها  أو على الأقل التقليل من ثقلها؟ فماهي حساسيّة الرّبيع؟ وماهي الحساسيّة العامّة؟ وكيف تتكونّ؟ وماهي أعراضها؟
حساسيّة الرّبيع تكون نتيجة لبدء تفتح الأزهار. وتشمل الحساسية بعض أو كل الأعراض التالية: الرّشح،التعب، الارهاق ، الحرارة ، السعال (عادة ماتكون سعلة جافّة) ،الصداع ،العطس المتكرّر والإحساس بالتهاب الحلق والتهاب الأذن الوسطى (يكون على شكل آلام فى الأذن) وانعدام الإحساس بالرّائحة واحتقان الأنف وقد يلحق ذلك رائحة كريهة للفم. وقد يصاحب ذلك حكّة مستمرّة فى الجلد بالإضافةإلى ظهور طفح جلدي. وقد تكون الحساسية قويّة بحيث تؤدي إلى ضيق فى التنفس مع صفير عند الزفير. والسّبب الرئيسي لحساسية الربيع هى حبوب اللّقاح المنبعث من الأشجار والأعشاب، وتفتح زهور الثمار والأشجار وخاصّة أزهار شجرة الزيتون والتي تمثّل أكبر سبب. فإن كانت حساسيّة الربيع تشمل فصل الرّبيع خاصّة، فإنّ بعض الأشخاص يعانون من الحساسية فى باقي فصول السّنة وهي الحساسيّة العامّة. والسبب الرئيسي يكون فى أنّ مسبّب الحساسيّة عندهم لايكون مرتبط بفصل الرّبيع بل موجود فى فصولاً أخرى مثل الشتاء كالحساسية من الطّحالب والأعشاب المرتبطة مع البرك والمستنقعات وعفن البيوت النّاتج عن فطريات مختلفة. وعادةً ماتكون لوجود حساسيّة لأمور أخرى بالإضافة إلى زهور الأشجار المنتشرة فى الربيع.. كما أنّ الحساسية العامّة قد تشمل حساسية للقشر الجلدي النّاتج عن بعض الحيوانات (مثل القط والحصان والكلاب). وكذلك لغبار البيت النّاتج عن حيوانات مجهريّة تختبئ فى السجاد والموكيت والأغطية الصوفية والمخدّات.
تتكوّن الحساسيّة عندما يتفاعل جهاز المناعة عندنا بطريقة غير طبيعية لمواد يتعرّف عليها الجسم بأنّها أجسام غريبة ويجب رفضها. حيث أنّ هذه الأجسام تكون مواد من المضادات الطبيعية من النوع E والتى ترتبط بخلايا المناعة والمسمّاة ” خلايا ماست”. هذه الخلايا تكون مليئة بمواد أشهرها مادة “الهيستامين” والتي من شأنها إن خرجت من داخل الخلية إلى تفعيل مجموعة من التفاعلات السّريعة ومنها توسّع مفاجئ للأوعية والشرايين الدّموية وخروج السّوائل منها وكثرة إفراز مواد تؤدي إلى زيادة مواد الالتهابات والتى تؤدي أيضاً إلى تقلّص مفاجئ للعضلات المحيطة بالقصبات الهوائية مما يؤدّي إلى تضييقها بدرجة كبيرة يعاني المريض منها من ضيق فى النّفس مع صوت صفير عند الزفير. كما أنّ المواد المفرزة من “خلايا ماست” تؤدّي إلى إثارة الشعيرات والخلايا في الأنف مما يِؤدّي إلى زيادة الإفرازات (وتظهر على شكل رشح) وزيادة العطس لكون الجسم يتعرّف على أنّه يجب أن يرفضها ويعمل إلى طردها إلى الخارج.
نفس المواد المفرزة من “خلايا ماست” تؤدّي إلى ظهور طفح فى الجلد وزيادة فى الحكّة لإثارتها المستقبلات الحسّية فى الجلد. و هذه الخلايا إذا أفرزت فى الجهاز الهضمى قد تؤدي إلى زيادة فى حركة الأمعاء وقلّة امتصاص الأكل فتؤدي إلى الإسهال المتكرّر مع آلام شديدة فى الأمعاء. وقد يشخّص مثل هؤلاء المرضى بأنّهم يعانون من القولون العصبي أو من أمراض نفسيّة، مع أنّهم يعانون فى الحقيقة من حساسيّة لبعض الأكلات. فيعطى المريض العلاج الخاطئ والذي لايؤدّي إلى شفاء المريض بل الى تفافم مشكلته. من نتائج التحسّس الرّبيعي أن يتكوّن لحميّات داخل الأنف ممّا يجعلها تعيق التنفّس الطبيعي كما أنّها تؤدي إلى الشخير عند النّوم. إنّ الأنف عضو فعّال جداً فى حبس المواد الملوّثة المنتشرة فى الهواء بواسطة الشعر الموجود فى الأنف. ولكن طول احتباس المواد الملوّثة فى الأنف يؤدّي إلى تركيز موادها الكيمائيّة فى الأنف واحتقان الأنف وبالتّالي إلى انسداد الجيوب الأنفيّة ومن ثم التهابها. ويمتص الجسم هذه المواد الكيميائية المحتبسة بالأنف مما يؤدي إلى سريانها فى الدّم. ونتائج أيضا بعض هذه المواد يكون أكثر ضرراً من المادّة الأصليّة تكون أكثر قابليّة لتكوين مضادّات للحساسية.
لذلك ينصح بشدّة بكثرة الإستنشاق و استذفار الأنف بالمياه عدّة مرات فى اليوم لغسيل فتحات الأنف من بواقى المواد السامّة المستنشقة. بالإضافة إلى تجنّب الأماكن التى تكثر فيها حبوب اللّقاح أو المواد الملوّثة. كما ينصح بأخذ الفيتامينات والتى تساعد على منع سرعة التخلّص من المواد السامّة فى الجسم. وللتعرّف على أسباب الحساسيّة فإنّه ينصح  بفحوصات مخبريّة للدّم.
تقسم فحوصات الحساسيّة إلى ثلاثة أنواع. النّوع الأول( فحوصات الدم للمواد المستنشقة): وتشمل فحص المواد التالية: فحص غبار البيت وهى عبارة عن حشرات مجهرية تعيش فى السجاد والموكيت والمخدات، فحص حساسية أزهار الربيع مثل زهر الزيتون والبلوط وأشجارأخرى مخضرة، فحص لقشرات جلد حيوانات مثل الكلب والقطة والحصان ، فحص حبوب اللقاح، فحص الحشرات الزاحفة مثل الصراصير، فحص الطحالب المحيطة بالبرك، فحص الفطريات المختلفة التى توجد فى المزارع والجو، وفحص حساسية العفن المنتشر بالبيوت. النوع الثاني (فحوصات حساسية الطعام) وتشمل فحص المواد التالية: صفار البيض وبياض البيض، الحليب، خميرة الخبز، طحين القمح وطحين الشعير، الرز، الفول السودانى وزيوته، المكسرات بمختلف أنواعها وزيوتها، التفاح، الكيوي ،المشمش، البطاطا ،البندورة والجزر والبقدونس. النوع الثالث(فحوصات الدم لحساسية الجلد(اكزيما): وتشمل فحوصات الفواكه والبيض والحليب والطحين والزيوت المختلفة، والمكسرات..
 علاج الحساسية يبدأ بالتعرّف على المواد التي تسبّبت فيها. فقد تفشل كل طرق العلاج إذا لم يتم التعرّف على سبب الحساسية. فأوّلها أن يتم نزع مسبّبات الحساسية من المحيط حولنا. فإن كان شخص ما مثلاً مصاب بحساسيّة أزهار الزّيتون والتي تظهر في فصل الربيع وهى المسبّب الرئيسي لحساسيّة الربيع فينصح بشدّة بقلع أشجار الزّيتون من المنطقة المحيطة بالمريض (إن أمكن) أو يتحوّل المريض إلى مناطق أخرى فى سكنه بعيداً عن أشجار الزيتون. أمّا إذا كان لا يمكن الإبتعاد عن مثل هذه الأماكن فينصح بارتداء الكمامة خارج البيت. وتستمر هذه الحساسية من أشجار الزّيتون حتّى تذوب الأزهار وتستبدل بالثّمر. وتستمر هذه المدّة من شهر ونصف إلى شهرين وعادة ماتبدأ من نصف شهر ابريل إلى نهاية شهر مايو  كل سنة. ويجب ألا ننسى دائماً فى طور بحثنا عن سبب الحساسية ألا ننسى الأدوية التى يتناولها المرضى حيث أنّ الأدوية بمفردها تشكّل أكبر سبب للحساسية.
 الأدوية التي ينصح بإستعمالها فهى كالتالي. أوّلا: ينصح باستعمال بخاخ الكورتيزون للأنف. فذلك يحفف كثيراً من العطس واحتقان الأنف والرّشح. وكذلك ينصح باستعمال بخاخ الكورتيزن للفم لحساسية الصّدر والأزمة الصدريّة . ثانياً: استعمال مضادات “الهيستمامين” وهى المواد التى تفرزها “خلايا ماست” . ثالثاً: استعمال أدوية توسع القصبات الهوائية مثل منشطات “بيتا” والتي من شأنها العمل على توسيع مجرى القصبات الهوائية وبذلك يزول الإحساس بضيق النّفس والصفير والسعال.
 أمّا فى الحالات المستعصية و الشديدة فينصح باستعمال الكوريتزون اما عن طريق الفم أو بالابر. ويستعمل الكورتيزون عادة لكسر حلقة الحساسية فى جسم المريض واعادته الى وضعه الطبيعى. كما أنّ هناك مجموعة فعّالة من الأدوية الجديدة المناوئة للحساسية والتي تعمل على إيقاف إصدار مواد من خلايا “ماست” أو أنّها تقفل عمل المواد المفزرة. مما تقدّم يتبين لنا أنّ علاج الحساسيّة يكمن فى البداية على التعرّف على سبب الحساسية ومن ثم تجنبه مما يؤدّي إلى تخفيف الأثار الجانبية لها. فإن لم يمكن فعل ذلك نلجأ إلى الأدوية المختلفة حسب شدّة الحساسيّة والأعراض الناتجة عنها.
  حسام أبو فرسخ

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *