الإصلاح المدمر !!

القائمة البريدية

إشترك في قائمتنا البريدية ليصلك جديد الموقع .

كثيرا ما نسمع الحكومة تتبجح بمنجزاتها ومواطنتها وحبها الفائض واللامتناهي لهذا البلد والمواطنين، وكثيرة هي شعارات الإصلاح والتنزيل السليم للدستور والقوانين المنظمة له، باسم كل هذه الصفات التي تتبناها الحكومة بمناسبة أو بغير مناسبة، بات المواطن بئيسا، معذبا لا يطيب له العيش في أي مكان حل به، وبات مفروضا عليه التأقلم مع الفوضى، مع الفساد، ومع خرق القوانين، ومع لعنة الجهل، والظالم أصبح هو المظلوم.

اختلت الموازين في عهد حكومتي بنكيران والعثماني، فالعفو كل العفو، إذا كنا نرى بأن سياستهما في الإصلاح التي لطالما طبلتا لها، تخرب عقولا وتزرع الأنانية والتخلف والعشوائية.

في عهد حكومة بنكيران، بدأت الطبقة المتوسطة تتجه نحو حتفها، ولم يعد لها في عهد الحكومة الحالية أيضا مكان، واتجهت الحكومتين نحو إلغاء صندوق المقاصة ، تحت شعار الإصلاح ووضع حد لاستغلال الأغنياء لهذا الصندوق، وتم رفع الدعم عن المواد الأساسية ليجد رئيس الحكومة السابقة الفرصة لتحرير المحروقات، التي لم يدفع ثمن هذا الإجراء غير البسطاء والطبقة المتوسطة التي اصطدمت بغلاء أسعار المواد الاستهلاكية والنقل، ولم تتأذ شعرة من الطبقة الغنية التي اتهمت باستغلال دعم صندوق المقاصة، ولم تقف الحكومة عند هذا الحد فقد تم الرفع من أسعار الماء والكهرباء ليتمكن المكتب الوطني للماء والكهرباء من تسديد ديونه التي لم يكن المواطن سببا فيها، وارتفعت قيمة الضرائب التي كان المواطن البسيط هو الدافع الرئيسي لها، فهذه ضريبة السكن وهذه ضريبة النظافة ، وتلك ضريبة النهوض بالفضاء السمعي البصري الوطني، والضريبة على القيمة المضافة والعديد من الرسوم والضرائب، دون أن ينعم هذا المواطن بالسلام والعيش الكريم.

إن عددنا منجزات الحكومة التي يفترض أن تكون في صالح المواطن، فإننا سنضع علامة دون المتوسط لكل ما اعتبرته نجاحا، وإذا ما عدنا لتباهي الحكومتين بأرقامها الرسمية في خفض مؤشر الرشوة والفساد، فإن الأمر لا يعدو ضحكا على الذقون، وإذا ما وقفنا على خطاب الإصلاح ورزمانة القوانين التي سنتها الحكومة السابقة وخليفتها الحالية، فالسطور لا تكفي لتعداد مساوئ السياسة الحكومية.

قبل أسابيع لا بل قبل شهور قليلة، عرفت بعض الأحياء السكنية في مدن مختلفة، العديد من ورشات البناء، التي خلفت فوضى عارمة في الشوارع والأزقة وحتى لدى الساكنة التي تعيش في هذه التجزئات السكنية، وأصبحت هذه الأخيرة جحيما لا يطاق ليل نهار.

وبمجرد ما أعطيت انطلاقة إضافة الطابق الثالث في المنازل بأرضية وطابقين، حتى انطلقت معها آليات الهدم والردم وارتفعت وتيرة الفوضى المصاحبة للكسر والهدم، الذي تهتز معه الأرضيات بالمساكن، واستغل المنعشون العقاريون وأصحاب البيوت الفرصة بمزيد من الخروقات والفوضى، طبعا في ظل الرخص المسلمة لهم من قبل الجماعات المحلية.

في هذا الصدد، أصبح أصحاب المساكن الجشعون، يكسرون السطوح بآليات تحفر بها الطرق، حتى يتمكنوا من بناء الطابق الثالث، وهي العملية التي تكسر معها رؤوس الساكنة التي تؤدي ضرائبها وتحلم بسكن مريح وهادئ، بعد العودة من العمل، واستغل الملاك الحاصلون على رخص البناء، غياب السلطات، وغياب الرقابة، باحتلال الملك العمومي المحاذي لمساكنهم، وإزعاج الساكنة بأشغال البناء، حتى في أوقات الراحة والعطل.

الحلم بسكن هادئ أصبح من سابع المستحيلات في ظل غياب تطبيق القوانين، وفساد الإدارة، وارتفاع الرشوة، طبعا وحتى لا ننسى استشراء الفساد في ظل الثغرات القانونية أيضا.

فإلى متى سيؤدي المواطن ثمن انعدام رؤية شمولية للإصلاح الذي أصبح بلاء وتعذيبا له؟ فرفقا به وكفى تدميرا لراحة المجتمع الذي يحلم بعيش هادئ لا أكثر..

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *